مقالات

arabe

arabe


اقرأ المزيد

عبد العزيز القرجي

جريدة الشروق 09 فيفري 2023

 

   من جماعة مدرسة تونس

عبد العزيز القرجي

1928-2008

 

ولد عبد العزيز القرجي في تونس عام 1928  في عائلة ترتبط جذورها بجورجيا كانت مختصة بصناعة وتجارة الشاشية.

دَرَس الرسم بمدرسة الفنون الجميلة بتونس على يدي فارجو الذي كان مديرا على راس هذه المؤسسة، ثم سافر الى باريس ليدرس في ورشة بليسون. وعند عودته الى تونس تمتّنت علاقاته مع الفنانين التشكيلين الاجانب الذين كانوا مقيمين بها، وكسب صداقات مجموعة من الفنانين التونسيين الذين اصبح عددهم يتنامى من عشرية الى اخرى. واهم علاقة كوّنها، تلك التي جمعته مع بيار بوشار مؤسس مدرسة تونس التي انظمّ اليها ليصبح عضوا فيها ثم رئيسا لها عام 1969 الى ان وافاه الأجل المحتوم.

وفي عام 1973 أسّس رواقَه الخاص في منطقة البلفيدير بتونس العاصمة، ثم رواق عمار فرحات في عام 1988 بسيدي بوسعيد. وآخر معرض له في حياته كان  خلال  2007 بهذا الرواق، ضم مجموعة من الأعمال الفنية المتنوعة  من رسومات وليتوغرافيا ومنحوتات.

يلجا القرجي إلى أسلوبٍ يعتمد التنقية بالاعتماد على تسطيح اللون والخط البارز والاشكال الهندسية  والتخلي عن التفاصيل... ممّا يفضي بنا إلى شخصيات خيالية و حلمية.

  ففي لوحته "القلب في الكف" مثلا (1990 ، غواش على ورق، 64 على 50 سم) نشاهد مجموعةِ شخوص وأشكالٍ هندسية  في شكل مستطيلات. كلُّ شُخوص واشكال اللوحة  رُسمت بطريقة مُختَزَلة ومفكّكة، لتصبح في شكل مساحات متجاورة  وشبه هندسية بعيدة عن الواقع المرئي وذات ألوان متباينة ورمادية.  فاليد اليمنى التي يرفعها الرجل على يمين اللوحة تبدو اصطناعية مثلها مثل اليد اليسرى. اما انفه فهو مركب. اما المراة المجاورة فهي فاقدة للتناسق الطبيعي. فوجهها مؤلف وفمها مائل. وتتداخل الخطوط التي يعتمدها في رسم الرجل والحصان في اسفل اللوحة، لتصبح مصدر غموض في ادراكنا لوضعيتهما.

 

كل ما يرسمه القرجي في هذه اللوحة في اتصال بالواقع التونسي من خلال ما يضيفه من  جزئيات واشارات. مثل الشاشية الموضوعة على رأس  الرَّجل في اعلى اللوحة، أو اللباس التقليدي التونسي التي ترتديها المراة. ويذكراننا شكلُ القبة وقطع الجليز في اسفل الوحة  بالمعمار التقليدي التونسي.

  لقد استلهم  عبد العزيز القرجي جل مواضيعه من محيطه التراثي. فما يميز مسيرته الفنية عموما، سعيُه إلى ربط العلاقة بين الممارسة الفنية وهذا التراث المحلي التونسي، معتبرا ان المواضيع التي يرسمها ليست في  حد ذاتها هدفا، بل الهدف الاساسي هو في إعادة صياغتها الفنية بطريقة حرة وصادقة.

ولم يكتفي عبد العزيز القرجي بممارسة فن الرسم فحسب، بل كانت له تجارب هامة في فن الخزف. وفي الفترة الاخيرة من عمره قام  بملاءمة رسوماته مع مادتي الصوف والحديد. فجعل من رسوماته الخطية والتصويرية منسوجات صوفية ومنحوتات حديدية بالتعاون مع الحرفيين المختصين.

رحل عبد العزيز القرجي  يوم الخميس 10 جانفي 2008 بعد عمر يتراوح 80 سنة.

نُظّم له في 7  ديسمبر   2017  في قصر خير الدين في مدينة تونس العتيقة بالتعاون مع "رواق القرجي" ومؤسسة "تالان،"  معرض استيعادي كبير  يحمل عنوان "القرجي بصغة الجمع".

سامي بن عامر


اقرأ المزيد