
-
menu
جريدة الشروق 09 مارس 2023
رواد من خارج جماعة مدرسة تونس
علي بن سالم
1910- 2001
يعتبر علي بن سالم من اهم الفنانين الرواد في تونس. وكان من التلاميذ الاوائل الذين درسوا بمدرسة الفنون الجميلة بتونس وتتلمذوا على يدي فارجو Vergeaud الذي تقلّد ادارة هذه المدرسة سنة 1930. نظّم أول معرض له في سنة 1934 بتونس العاصمة. وله عديد النصوص النقدية والأدبية. اهتم بالحرف التقليدية وتحصل وهو في السادس والعشرين من عمره على جائزة الرسم من الحكومة التونسية ومن حكومة افريقيا الشمالية التي اعتبرته رسّاما متخصصا في المنمنمات. وقد مكّنه هذا من السّفر الى فرنسا ثم السويد.
في عام 1944 وبعد عودته الاولى الى تونس، أسّس مدرسة الفنون الجميلة بصفاقس، وكان مديرًا لها، غير انه تم قصفها اثناء الحرب العالمية الثانية. وعاد الى السويد من جديد، حيث بقي فيها اكثر من عشرين سنة. وكان يلتقي في بيته المتواجد في العاصمة السويدية الفنانون والسياسيون التونسيون. وفي عام 1970 قرّر العودة النهائية الى ارض الوطن ليعيش في مدينة الحمامات.
هو رسام اولا، إلا أنه أنجز عديد الاعمال في مجال الفسيفساء والسجاد والطلاء على البلور.
نشاهد في عمله "الحنّاء"، اكورال على ورق وهو من مقتنيات الدولة التونسية، مجموعة من الشخوص النسائية المسطحة اشكالها. الأولى يرسمها في متوسط النصف السفلي للوحة. اما بقية الشخوص فقد وُضعت في اتجاه مائل في نصفها العلوي، بدءا من الشمال وصعودا الى يمين وأعلى اللوحة في نسق أحدث تدرّجا من الكبير الى الصغير. ونشاهد في خلفية اللوحة أشكالا حيوانية، غزالا وحماما وأشكالا نباتية خيالية. وعلى كامل مساحات اللوحة يوزع أشكاله الزهرية المتساوية أحجامها بأسلوب جدّ مختزل ممّا يمكنه من التاكيد على الطابع التسطيحي للوحة.
لقد استلهم علي بن سالم اسلوبه من المنمنمات الفارسية. وهو ما نتبينه في هذه الشخوص الأنثوية المرسومة بكل حذق واتقان وذات الخطوط النقية والوجوه البيضاوية الشكل والعيون المُتمدّدة التي تتميز بنظراتها البعيدة. يُبرز شعرها ونعومة يديها وصدورها كما يُؤكد على ثراء ثيابها ليحيلنا الى فضاء حلمي وخيالي. كما يستلهم طابعه التسطيحي لاشكاله المستقلة عن التمثيل الكلاسيكي الثلاثي الابعاد، من تجارب ماتيس التي أنجزها في النصف الاول من القرن العشرين.
تتميز لوحاته عموما بعدم واقعية ألوانها وبأشكالها الرمزية ذات الخطوط المتعرجة والمتواصلة اللينة والمتكررة، طيور واشجار وازهار وحيوانات وشخوص والكل في فضاء يغمره الضوء. كما تتميز بأبعادها الزمنية اللامحدودة. انه عالم خيالي ولا نهائي وسرمدي، مما يحيلنا إلى استقلالية لوحته عن المرئي.
فضاءات علي بن سالم ساحرية بخطوطها المتعرجة وبأشكالها التي تحملنا الى عوالم لا نعرفها.
منذ وفاته في عام 2001 وتكريما له ، تم تنظيم عديد المعارض والمهرجانات ومختلف الفعاليات الثقافية لدراسة اثره الفني. وفي عام 2010 ، أصدر البريد التونسي طابعًا بريديًا يحمل صورته. وكُتبت عنه عديد المؤلفات من بينها الكتاب الصادر عام 2011 عن المجمع التونسي للعلوم والأداب والفنون "بيت الحكمة" بمناسبة مرور الذكرى العاشرة لوفاته بعنوان""Aly Ben Salem, émotion de l'œil , passion de vivre". "علي بن سالم ، عاطفة العين ، شغف بالعيش " جمع نصوصا أعدّت في اطار ندوة علمية نُظّمت في الغرض.
سامي بن عامر